Admin صاحب المنتدى


   تاريخ الميلاد : 31/12/1957 العمر : 65 تاريخ التسجيل : 22/11/2013 عدد المساهمات : 648 مدينتك : سوهاج / مصر العمل : في مجال الهندسه المزاج : الشعر والأدب والتاريخ والدين واللغه العربيه 


 | موضوع: أصداء الذاكرة للكاتب : سيد يوسف مرسي السبت ديسمبر 28, 2019 10:13 pm | |
| أصداء الذاكرة تمتليء عيني بالصفاء و البراءة . لا أعرف القيد ولا تعرف القيود حينها طريقي . بداية فطرية يكسوها الجلال وبراءة الطفولة النقية . لا أعبيء بالجري ولا أحس بالتعب أقضي النهار كالطير أمرح والعب في براح الدنيا المتاح لي مع حذر الأبوين وخوفهم علي . كنت إذا أحسست بالملل خرجت حيث الفضاء والحماد أتنقل فوق شرايين الماء التي تروي الزرع . فيها الذي جف ماءه وفيها الذي مازال يحتفظ ببعض الماء أو مازال الماء يسري به لري حقل من الحقول . فأصنع لنفسي طريقة للهو واللعب بعيدا عن الأنداد من الأطفال .أمارس هوايتي التي اعشقها وأحبذها مع الطين الزبد فأعجن فيه وأزبد حتى يصير متماسكا في يدي فأصنع تمثالا لرجل لا أعرفه أو أقلد شكلا ومثالا لابي الهول أو لزعيم من زعماء مصر أصحاب الطرابيش كسعد زغلول أو مصطفى كامل او عرابي وقبل أن تغرب الشمس في مغربها أعود أدراجي خوفا من الظلام وخوفا من أبي واخبيء ما صنعت في مخبأ لا يراه أحد ولا إخوتي واغسل يدي وازيل أي علامة أو أثر على ملابسي حتى لا يعرفوني وآنال علقة ساخنة بالعصا من أبي واحرم من الخروج ...في اليوم التالي أخرج انتاجي الطيني واضعه في الشمس ليجف وانتهز اللحظة التي تحمي امي فيها الفرن للخبز واغافلها والقي بتماثيلي تمثالا بعد تمثال في العين المحمية دون أن تراني امي حتى تقوم بحرق التماثيل ويتغير لونها وأحمل الصبر بداخلي وانا أترقب انطفاء النار وتحولها إلى رماد في الفرن لتخرج تلك التماثيل وأخرج بها أمام زملائي وأقراني اتباهى أمامهم وهم مندهشون من صنيعي وتاخذني النشوة حين ارى واحد منهم ينادي على الآخر وهو يقول له تعالى وانظر ما عمله وما صنعه بيده من الطين . فكانت السعادة تغمرني واجدد واجتهد في كل يوم أن أصنع شيئا جديدا . أذكر أنني آخذت أحد التماثيل الطينية المحروقة وصنعت له شعر برأسه من شعر المعيز وقد لصقته بالصمغ البلدي الذي كنت أحضره من شجر السنط القريب من منزلنا والذي ينمو بكثرة على ضفاف الترع وصنعت له لحية كثة وحكت له جلبابا من قماش قديم وخرجت به إلى الشارع وكلما مر أمامي رجل أو أمراة أو طفل اتصنع الوقوف والاقتراب منه ليرى ما صنعت . ثم مر أمامي رجل له قيمته العلمية في قريتي وكان من أصحاب الطرابيش فلما رٱني أهلل واقصده دنا مني وأمسك بالتمثال في يده ويتعحب ولفظ الجلالة لم يتركه ولم يفارقه وهو يسألني من أين لك هذا؟. إنه ملكي ... يا كداب من اعطاك هذا .... والله يا عمي ملكي وانا الذي عملته بيدي حتى صدقني فما منه أن وضع يده في جيبه واعطاني قطعة معدنية فئة الخمسة قروش فضية وأخذ التمثال مني وقال لي انت تأخذ هذا لتشترى به حلوى وانا سوف ااخذا هذا . تمنعت في البداية ولكني وافقت خجلا وسرورا بالخمسة قروش ..وكلما أخذني ابي في صبيحة كل يوم عيد أرى تمثالي قد على رف في حجرة الإستقبال ولم أستطع أن اصارح ابي وانا أنظر إليه متحسرا عليه فلم أصنع مثله أبدا ... بقلم الشاعر سيد يوسف مرسي | |
|