هنا وهناك
عيد كان هنا
وعيد كان هناك
حين أرحل أرفع جفني
أزبد أرغي
وتحضرني أزاهيج اللقاء
أسبح في حلمي
أسري في تيه كالسراب
استيقظ في السكون في الصمت
علي قرع الدفوف وناي ومزمار
كل الأشياء توقظني
وأنا أثقب جدران الصبا
أتعلق بالأغصان أقطف من ينع الثمار
أدلف علي ربوتي أطل
العين تبهرها الأرقام
أخشي أن أسبل جفني
أخشي أن يفوتني ظل الأشجار
الظل يبرح كلما انحدرت الشمس
والرؤية ثاقبة معدومة الغشاوة
أخشي أن تجوع العين بعد الإبصار
*****
في زهو العيد
ترح ،مرح ، فرح
وكئوس علي الموائد مؤتلفة
الأيادي تتلاحم بالتصافح
ألفة الوجود ضاحكة
قلوب نقية صافية
يا معاني الود عودي
يا رياح البغض فوتي
يا كلاب الأرض ولوا
يا ذئاب اللحم موتوا
مات العيد في نماء الحريق
كثر الآه وتولد الوجع
كلما جوارنا القمامة ومستنقع الغجر
كل ما جاء من رحم الغبار أتولد
الحصى يركض هرباً
الطير يهجر باللظى مكظوم
الوجع الدفين يضخم حجم البطون
تتسع الدروب وتتفرع
من يبدد الخوف من القلوب ؟
بكائية العرس تزف الموتى
والسيل العارم لا يتوقف
نكاح غير مرغوب
واغتصاب البشرية قبل الشروق
ظننت أن الصيد هناك
شرعت الرحيل من أرض خراب
عرس السطو ممتد على الخط
وناي الحزن مكلف باللحن
والغبار يكسو الوجوه قتارة
في مدن الضباب لا ترى شيئا ً
كل الوجوه مطموسة
إلا أطلال الدمار معلومة
الناي يعزف المدلول
وهناك عيد مقبور
وهنا عيد مرجوم
كأن الدنيا ظمئت أن تنجب فرحاً
المولد الآتي تأكد أن معوق
تجاسرت الخطوب وأضحت
كيف ينسج العنكبوت بيوتاً؟ ،
وسط اللهيب
(فما أوهن البيوت لبيت العنكبوت )
*****
ما زلت أتصفح وجه مدينتي
أفرغ أشواقي ولهفي
تجرني أحزاني
تنهمر دموعي
يجف إحساسي
والناي يصدح
لم ابعد عن الحطام
أطلق مسامعي للحشرجة
يخدش الصمت الأنين
في جوف المشرحة تراتيل
،وجثا مين
خراسانية السكون مرعبة
وكتلها لا تزال فوق البشرية راكدة
إلا أسياخ الحديد ملتوية فارضة
أعلم الدنيا ساخرة مني
يزدرون حضارة مجدي
والعمر مضى ولا زال يمضي
فوق سيور الرق نسري
تحت سطوة الجلاد
تلك هي الأسباب .
جعلت العيد يفارق أرضي
هنا وهناك وحلة فوق جلدي
مهما هن الجسد ،
أو توارت رفاتي
فلن أغير نهجي
وللعيد منتظر
بقلمي // سيد يوسف مرسي