بعد انقضاء العمر
زحف الهجيع الأخر من الليل ، وامتثل القمر للانزواء ، السماء تكتظ بالباقات ، حمي الأرق تأخذ ها الخطى للأجفان ، الفراش غير موسر وفي المخلد وسواس شرس ، أغنية تشامطت وهرمت ، علي ظهر جواد الحلم ترحل ، ساعة تركض للحاق وساعة يأخذها الجهد فترقد ، بين القناعة وخنجر اليأس المسلط تحيا . ولا سبيل للنوم ، أصبح القميص علي الجسد بالياً وممزق وابتسامة باهتة تعاودها سخرية ، لماذا هذا الفانوس مضاء فالظلام يكون أرحم ، ودها أن ترى الابتسامة ، لكن أين هو الوجه الذي يضحك ؟ ، يأخذها ما يأخذ النائم والقرين المستعجل لا يبارح ظهر الفانوس الذي انطفأ ، كأنه يخشي أن يفارقها أو جاء علي العجلة في غمر الظلام لا يبرح ، يكثر معها الجدال كي تستسلم وتحط أوصالها ، حافة السرير تستقبل مؤخرتها وهي تهوي ويدها تحسس خشية السقوط قبل أن تستقر ، في مقدورها أن تظل واقفة ولم لا ؟ فهي لم تجلس ولم تستريح ولم تعلم عنه شيئاً ، وكأن الأرض ابتلعته علي غرة ، تأخذ في حسبانها مقولة الحكيم (قد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن )، أو قد يعود الغائب بعد غربة وانقطاع ، لا بأس للانتظار علي الشاطئ دون إبحار تنظر السماء لترى نجمة الفجر الصادق ، لماذا يكن هذه الساعة ؟ لماذا لا يأتي اللحظة ؟ كأنها تحلم حلماً سعيداً ليس بحلم الدهاليز ، شيء في الوجدان وشعور لم تعرفه من قبل ، إلا تلك اللحظة وهذه الليلة شيء مغاير وأسارير تنبض برؤية خفية ، رعشة وقشعريرة تغمر كل الوجدان ، تنتفض وتقف ، أنفاسها تضيق لكثرة السرعة في دقات القلب أذنيها تغيب مع حواسها كأنها معلقة في بوح السماء ، ليست هي الأرض ، تحاول أن تتأكد من حضورها تشعر بالخوف مما أحست به فترتل من آيات الذكر الحكيم آية ( الكرسي ) فهي تحفظها منذ الصغر عن ظهر قلب ، شيء ما يلاحقها وكأنه يكلمها ويحادثها لكن لا وجه له ولم تره عينها ، ودت أن تضيء الفانوس مدت يدها تبحث على علبة الثقاب وهي تتحسس موضعا ، لم تجدها يبدو أنها فرغت من الثقاب ، يأخذها مأخذ وتتجه صوب الباب المصفد ، والعرق علي جسدها غمر فروت الرأس وبلل شعر الرأس ، أذنيها تبتعد أكثر مما تستطيع ، هناك صوت أقدام تقترب ، قد يكون صوت ذاهب للصلاة أو صوت شبح من أشباح الليل ممن يجولون في الطرقات بالليل ، تمسك مفصد الباب وتطمئن عليه وتؤمنه ، في حيرة تظل أم تعو لفراشها ؟ الخوف والهلع يعتليها ورائحة لا تدري تشدها أن تظل واقفة ،تقف الأقدام وتنهي عند الباب وصوت خافت يخشي أن يخدش السكون ، وهو يطرق الباب وينادي اسمها هنيه افتحي فأنا محمد قد عدت لا تخافي
حسبتك في عداد الأموات أمام الناس وقلبي لم يصدق ، ويصدح المؤذن للصلاة الفجر ، الله أكبر الله أكبر
بقلمي الكاتب : سيد يوسف مرسي
@@@@@