حوار في بيتي

موضوع: حوار في بيتي الأربعاء يونيو 03, 2020 8:52 pm

حوار مع بيتي
قد سمعت حديثكم وما دار تحت السقيفة ،وما جاء على لسانكم من سيرة العرب ، والحق .... فقد وضعت يدي على قلبي واحتسيت جرعة من دواء الصبر أخمد بها لهيب جزوتي بأحشائي ، وكما ترون فقد تغيرت ملامحي وتشامط وجهي وكثرت به التجاعيد ، وقد تغيرت ...حين رأيتكم تنبشون قبر الماضي ..فلقد قرأت الكثير والكثير عما تبحثون عنه وتتكلمون عنه وتنبشون قبره ، تلك أمة قد خلت من قبلها أمم... وأظن أنها قد قبرت ...! بعدما كان لها من كنوز المجد والسمو والرفعة ، فلم أترك كِتَاباً خُط بيد كَاتِب وخَطت يده في سجل الأمة حرفاً يخبر عن ماضيها إلا وقرأته ، وأصدق كل ما تقع عيني عليه وأتباهى بالعروبة وبعروبتي حتى جعلتها شعاري القومي ، ولماذا لا يكون ذلك فقد علمونا في مهدنا أن نهتف لعروبتنا وأن نهتف لرئيس جمهوريتنا ، حين نقف كل صباح في طابور المدرسة والموسيقى تعزف لحن النشيد الوطني ولحن التحية القومية العربية ، تمجيداً لأمة ما توحدت عروبتها للوحدة العربية ..... فتحيا الجمهورية العربية المتحدة ،وعاشت الأمة العربية وعاش الرئيس جمال عبد الناصر وعاشت الوحدة العربية مصر وسورية والسودان والموت ثم الموت للأعور الديان ... ثم جاءت الطامة الكبرى وانفتحت السماء على مصراعيها والقومية العربية فقد سرقوا وأخذوا الحليب من ضرعها وهي تقف ساكنة تتلقى أحلى الضربات من الحوا مات القاذفة وأصبحنا في ظل القومية محل ضربات العدو وفقدنا الآلاف المؤلفة من خيرة شبابنا و من خيرة أبناء أمتنا وقوميتنا وماتوا وهم يهتفون بالأمة العربية ، وامتثالاً لأوامر القومية لم نتوقف لحظة واحدة ، بل ظلت القومية تمطرنا بأخبار الانتصار وتقدم قواتنا على كل الجبهات مكشوفة الرأس بدون غطاء كالفتاه التي لا حياء فيها ... وإليك ...(لقد قامت قواتنا على الجبهة بإسقاط عشرة طائرات ..! )من طراز [ فانتوم ] لقد تقدمت قواتنا وأصبحنا قاب قوسين من [ تل أبيب ] ....! [ عبد الناصر يا حبيب بكرة ها نوصل تل أبيب ] ولماذا لا يكون ذلك وقد غرسوا فينا وحقنونونا بمصل العزة والقومية ، لقد كنا نحفظ عن ظهر قلب النشيد الوطني الاستعراضي ( ولا زمان يا سلاحي ، اشتقت لك في كفاحي ، انهض وأقول أنا صاحي يا حرب ولا زمان ) شوق يا أخي وشوق يا أختي ويا بنيتي للجهاد وللحرب ..... وظللنا ست سنون من الإعداد والتخطيط بعدها كي نسترد ما ضاع منا في زمن النصر المزيف وزمن النداء بالوحدة العربية حتى جاء أمر ربكم
وفرج الله عن القومية العربية كربها وقلنا الحمد الله [ درس للأمة قد تجتمع ]
وكما ترون شعوب الأمة ودولها الآن .... حقاً ...! وضعاً مؤسف جداً
فليس كل ما تقرأون في الكتب من حقيقة وليس كل ما يقال مخالف أو خيال أو أكذوبة ، فبعض ما يكتب مدفوع الأجر.... وبعضٌ حزء من الحقيقة وما أكثر من أهل النفاق في منظومتنا العربية ومن يدعون القومية في زمن العبثية واللا معقول ...
## وأما السيادة يا أخوتي في بلادنا فهي مؤصلة وثابتة ثبوت النجوم في كبد السماء منذ خلق الله الكون فسيادتنا موجودة حين يكون الغروب تطلع وتطل وتشرق في الليل مثلها مثل النجوم ، كلما غابت شمس النهار رأينا النجوم وسرعان ما يأتي الليل لتعود ونراها فهي مؤصلة بالقدم ، فلا تلومون أحداً إن فقد البصر أو البصيرة ، فهناك منا من لدية القدرة على الرؤية فيرى النجوم في وضح النهار وكما يقول المثل [ اللي ما يشوف من خرم الغربال أعمى ] ..!
وهنا يأتي دور [الشاي] وهو مشروب لذيذ منعش ومنبه وله دور مهم وفعال وذو سحر فلو أن أبيك أو جدك أوعز إليك بكوب من الشاي ،فاعلم أن بالشاي سر قديم .... فالشاي هو سر استمرار قوميتنا وقوتها وصلابتها ، واجتماع شعوبها في سهرات اللهو والسمر ، حتى أن الكُتاب الذين تقرؤون لهم ، فإن لديهم من السر المكبوت ما يتناقلوه فيما بينهم عن الشاي وسره فبدون الشاي لا يجتمعون ولا يكتبون وغيابه يجلب السخط وخمول وكساد الذاكرة إلى ألخ ....ألخ .!يا إخواني : من الوضوح إنكم تستخدمون كثيراً علامات التعجب كما أنكم تستعجلون الرد قبل النظر والتفكر ،وتستغربون إن أشار إليك مخلوق ووجد على وجهكم إشارة نكران أمر فأنتم ضليعون فيه ، تنفرون ...لذلك ..يا إخواني : ،فالبشر هم البشر مهما تباينت الألسن واختلفت المصالح وتباعدت الأمصار ،، المهم هو الإدراك لما يفيد ويثمر بعيداً عن الثرثرة والشعارات الجوفاء الخاوية من محتواها فليس هذا بمنطوق التفعيل والهمة للخروج من القمقم الذي وضعنا فيه أنفسنا من عقود أو قرون مرت علينا ونحن كالصور المعلقة التي أهلهكا الزمان قيد الجدران وما من سبيل ......! واليوم جاء سؤالك يا بنيتي : وأسأل الله لي ولك البصيرة قبل البصر ، تسألين عن أمصار (كانت...!) واليوم ليس لها وجود ....فقد ذهبت كما ذهبت قومية القوم في أدراج الرياح وتحت سطوة التمزيق والعنصرية والسيادة المفتعلة وحب الذات وترك الدين ودفن الوليد وأود الفضيلة وقد كنا يد واحدة .....!
فمن الواضح إنكم لا تعلمون الحقيقة ، وتركزون تركيزاً كبيراً على كاتب خط بيده كتابه في فجوة كهف ولم ير من الحقيقة في الظلام أصابع قدميه
بقلم الكاتب // سيد يوسف مرسي

» حوار مع بيتي // للكاتب : سيد يوسف مرسي
» حوار مع الست لولا