أنا والظروف 2 للكاتب : سيد يوسف مرسي

أضغاث أحلام
لم أنس أبدا قصتي مع هذا المنزل الصغير الذي لا يتجاوز عن حجرتين ومشاية بالوسط تصل بين حجرتيه . لقد تربيت ونشأت فيه وبين أحضان أبٍ حنون وأمٌ قانعة مثابرة لطيفة الجانب لا تفتر ولا تكل . كان هذا البيت مختلفاً تماما عن كل البيوت التي أعرفها بالرغم من ضيق مساحته ورحابة صاحبه وشهامته تجعله مختلفا ليس له مثيل في البيوت التي دخلتها....! كان صاحبه لين الجانب كريماً مضيافاً يحبُ أهله ويسعى إليهم . يسأل عن الصغير وعن الكبير ويزاورهم ويعاود المريض ويؤاز الضعيف هكذا كان دأبه بالرغم من فقره فلم يكن غنياً أو ذو مال وإنما كان سعيهُ على قدر قوت يومه لكنه صاحب خصال لم يختلف عليه اثنان في وده وكرمه وشهامته ....كنت أرى هذا البيت الصغير مثل التكيه من كثرة الواردين عليه .... سألته يوما وكنت حينها صغيراً لماذا تطعم كل من يأتي إلينا ؟ تبسم في وجهي وجلس وجلس أمامي وأمسك كتفي بيده وقال :يا ولدي اللُقَم تمحو النقم .. كأنه يريد أن يغرس بي ما هو مزروع فيه ..... وتغيرت الظروف ورحل صاحب البيت وقد لاقى ربه وقد تركني . فذهبت بعد أن أكلمت دراستي إلى موطن مؤقت ، استمر وتعدى الخامسة والثلاثون سنة من عمري ، ولم أنقطع عن هذا البيت الصغير بل كنت أعاودة الزيارة والمكوث به من حين لأخر واليوم وقد جئت لأستقر ولأفتح باب هذا البيت من جديد ... ظناً مني وتصوراً أني ساجد وأرى من كان يأتي في عهد أبي سيأتي إلينا .... وانتظرت ....!وقلت : والتمست العذر للقريب والبعيد ، ربما ..!يكونوا في مشاغلهم .. لكن مضى الوقت وتسربت الأيام وأنا أتطلع وانتظر .. وقد عشت الليل وما من شروق لأحدٍ منهم ... تسائلت أيكونون قد أخذهم آخذ ولم أعلم بهم؟ أم أخذهم هادم اللذات ؟أم هبت الريح فجعلتهم قاعاً صفصفا ؟ أم صاروا كعصفا مأكول ؟ أم طرحتهم الريح فأردتهم جميعا أم أخذتهم إلى كهوف الجبال وأوديتها ؟فكل شيء جائز في زماننا ... فطرحت الإنتظار ورحت أقتله بالفرار فخرجت إلى الشوارع والدروب أتسكع وأطوف على أقدامي وأقتل معاناة الجفاء وإنكار الذات . خفت أن تستدرجني عوامل الوحدة وترهقني الكوابيس في الصحوة فعدت أدرجي بين مبتل وبال ... أحسست والرغبة تملكني أن أعبد طريقاً لقدماي كي تمر غير الطريق الذي سلكه هؤلاء الكهان .. كانت صرخاتي بداخلي مؤلمة لا تتوقف وخشيت أن يتلون وجهي باللون الأصفر القاني ... ألهذا الحد أصبح الناس وحوشا برية أين الوفاء واين الندية ؟ نعم لقد تبدلت الدنيا وأصبحت صفراوية المزاج
متغايرة السلوك .. وكان السؤال الذي ما زال يلح ، لا تتركني بإي حال في هذه الغابة . إلى أن يصحوا الناس ويكون الوئام ؟
وما زلت متيقظا لم يتحقق الحلم
أضغاث أحلام ......
للوضوع بقيه
بقلمي :سيد يوسف مرسي

أنا ..... والظروف ١
كنت أظن أنني حين أعود وتطأ قدماى أرض مهدي وطفولتي وصباى ساجد السماء صافية غير ملبدة بالغيوم تكسوها الزرقة تسطع النجوم بها تحمو عنها عتمة الليل وسواده . كنت أنظر السماء واتطلع واستعجل الوقت ليمر بسرعة وانا في شوق ولهف وولع بالعودة وقد قضيت الكثير من عمري في دهاليز الغربة سعيا وراء الرزق وقد حانت اللحظة لأجمع أوراقي وألم دفاتري وأطوي صفحة ما بالقليلة لأفتح صفحة قديمة طويت عنوة وبدون أرادتي . سعيت لأعيش بقية ما تبقى لى من أيام أو لحظات مع هؤلاء الذين تركتهم خلفي من سنين . لقد ألفت العيش معهم في الصبا وفي الشباب حتى أدركني الرحيل . اليوم ينبعث في داخلي إحساس وشعور مغاير . لقد وجدت معيارا وسلوكاً غير الذي تمنيته وكنت أريده وأرجوه من القوم . وجدت الفتور والتلاهي . وجدت العكر بدل الصفاء . وجدت الغياب بدل الحضور . وجدت التنمر بدل الصدق . وجدت أن لا حاجة لي عند القوم كي أشاركتهم فقد كفروا بكل ما هو حميد واأتوا بما هو عين النقيض . كفر بالود وبالوصال . لقد داهمني هذا الشعور فرحت أقتله بما يتاح لي من أساليب القتال مستخدما كل الأدوات الفاعلة لنجاح معركتي ضد ما أصاب القوم من أمراض تفشت وتغللت في صدورهم وعقولهم . لقد أحسست في لحظة أنني لم اتحين الوقت المناسب لأكون بين القوم . رحت أفعل مسببات الطبيع المصنوع وقد اشتد بي الخوف وراح يدفعني للعزلة والتصوف ڤأنكرت النجوم بالليل وقتلت النهار بالنوم . لكن تسرقني اللحظات التي أطأطأ فيها للفكر وأخطو خطوات أمهد بها الطريق إلى القوم . كان من أحساسي تجاه القوم أنهم قوم غير الذي تركتهم على عهد الوئام والعصمة أنهم لا يعرفونني ولم أبت لهم بصلة ... يا الله .. أشرب القوم مسكرا اعماهم ام غسلت قلوبهم وعقولهم بغسول طمس الأحاسيس في رؤياهم . كنت البارحة مسرورا بعودتي واليوم محزون محبوس في جلدتي . ذهبت حيث كان يذهب الكل ... رجل من الطراز القديم فإذا هو يقبع سجين المرض يمسك عصاه ليسند جسده الخشبي النحيل حين ينتابه السعال . ذهبت إليه كي أفضي إليه بحال القوم فلم تأتني منه جملة مفيدة يقطعها الألم ويشتتها السعال .فخرجت كمن مثله .. فركبت راحلتي وعدة أدراجي أتشوق للزمن الجميل
والموضوع له بقية ......
بقلمي :سيد يوسف مرسي

» أنا والظروف للكاتب : سيد يوسف مرسي
» على ناصية الرغبة // للكاتب : سيد يوسف مرسي
» كيف أطمئن ؟ للكاتب // سيد يوسف مرسي
» كنت أظنه // قصة قصيرة للكاتب : سيد يوسف مرسي
» حارة النقار للكاتب :سيد يوسف مرسي