رسائلك المكدسة ]
أذهب إلى رسائلك المكدسة في هاتفي ، مازلت أحشرها في أحشاء ذاكرة الهاتف ،إلجأ إليها كلما هاتفني الخيال ، أو تواردت الأنفاس ، أقرأ كل ما تلامسه أناملي ، أوتقع عليه نواظري ، فأبحث خلف مراد حروفها، أسنبطُ تفسيراً مغايراً ، علني أجد ما يهدأ من ظنوني ، أبحث عن أي دليل أو خيط ، يدلف بي إلى قربك ويقربني إليك ، بدون وعي كأني أنظر إلى فنجان قهوتي المتروك بجانبي، الذي أفرغ محتواه من رشفتي ،تشدني لذة القهوة فأرفعه إلى فمي ، أضعه بين شفتي بالرغم من خلاءه، أمتص بقايا بشفتي حبات البن المسحوقة بتلذذ ، كأنيي أستجلب الحليب من ضرع الفنجان ، كأنه شاتي التي تطعمني من ثدي فنجان قهوتي ،
قد يضن فنجان قهوتي عن مدي برشفة ، أتودد إليه ،وعيني معلقة به ، بالرغم من عودتي إلى رسائلك ، أفند كل التفاصيل ،أقف على أسباب علاقتنا المتروكة ، أددق في الصور ،وأستمع إلى تسيجلاتك الصوتية ألتي كنت تغمرينني بها ، فصوتك مازال يدوي صداه في أذني ، كأنك تحادثينني أن نخرج بعيد الزحام ، أو حين كنت تشدينني لألتصقك بك وأضع ذراعي على كتفك فوق الكبري ... أستنجد بزجاجة الماء التي أصبح ماؤها فاتراً وهي تقبع بجانبي ، أجرع منها جرعة ألطف من حلقي المذبوح ، وألدن صوتي المبحوح ... أنظر للمدى فإذا هو خواء في عيني ،لا أسمع إلا صدى أنفاسي التي تتحشرج في صدري ، أحاول أن أستمد بعض اللحظات الخاملة في حقيبة الذكرة ، أخرجها لألتقط أنفاسي ، أدفع الزفير بقوة البركان ، يقف الطيف ويتأجج الخيال ، أعتصر في أعماقي وأِشتعل ، أهب لأقطع كل الأسلاك المغذية للمولد الكهربائي ، فقد بت لا أحتاج للأضاءة ، بت أحتاج للأكسجين فقط ، بات عليّ أن أمُيتَ الصدى الذي مازال يؤرقني ، أدعو أوصالي للحضور ..فوق أرض الرصيف أخشى الجنون ، فقد فاتني قطار الهوى . بت وحيدأ أنادي قطار الود كي يأتي ..ينتشلني ...
يخرجني هاتفي لينهي قرائتي لرسائلك ،اُنهي اللقاء الذي لم يكن معلوم لك ، أنظر هاتفي وقد مللته في يدي ،أدعه لجيبي ..ربما أحظى بلحظة من النسيان ، أهرب من كوابيسي وأتم الصيام .. أدفع مشاعري وإحساسي إلى السفر ، هناك تجلس مدينة حاضري ، حين أزورها ألقي بجسدي فوق بساطها الحشيشي الأخضر ، بحديقة مدينتي تكثر الأزهار فوق خدودها ، أنزع ثياب بنات فكري كي تظل مكشوفة في العراء ، حينها أحس أنني قد تهيأت للشفاء ،وأمسح الغبار الذي لثم وجهي فالنظر إلى رسائلك المحشورة بهاتفي .>>
بقلم : سيد يوسف مرسي الجهني