الإبداع والبيئة

الإبداع والبيئة
لا شك أن المبدع جاء إبداعه من مؤثرات محيطة به ؛راسية في عمقه الإنساني ؛
ومتوغلة في شرايين نشأته ؛فعند نشأته لمنشأ يريد بناءه يضع لمساته الجمالية ؛ من 
واقع التأثيرات المدونة في ذاكرته والراسية في عمقه المعيشي ؛
فتكون هذه اللمسات بمثابة الزخرفة والطلاء ؛أو المعا ليق الدرية النفسية التي تحلي بها بناءه ؛فجعله في صورة بهية ؛ تزكيه العين ويقبله الفؤاد ويترك إحساس لدي المتلقي ؛والغاية في الإبداع هو جمال الطرح واختيار الموضوع ؛مع نسبية المكان المخصص للطرح ؛وهذا هو جانب مهم في الإبداع للمبدع ؛ويسبقه التشييد البنائي 
للموضوع ببلاغة وسلاسة ؛فإذا ما خالف المبدع ذلك لا يعد مبدعاً ؛ويكون كالذي 
ابتني لنفسه بيتاً في بحر الرمال من صحراء قاحلة ؛ليقيم فيه ؛فلا يمر أحداً ليراه ؛
ولا يأنس بأحد يجاوره ؛وموته أقرب من لمح البصر ؛ جدرانه من جس ؛سقفه من سعف النخيل ؛ فلا مأمناً بداخله ؛ ولا يروق لعين تراه ؛فما هو إلا واجهة وباب ؛
***** 
والمبدع مهندس فنان ؛يستخدم أدواته ويسخرها حيث يريدها ؛ يستفيد بالنشاز المتوفر 
لديه ؛لا يضيع من يده شيء ؛يعمل بحرفية متقنة ؛ فيرسم ويخطط ويشيد ويضع اللبنات ؛ثم يستخدم ريشته ؛ وعقله وهو يضع الألوان التي لا تقحم العين ؛وتثير الأعصاب ؛بل تجعل من الناظر كأنه في روضة ورياض ؛وهو يعمل دائماً علي أخذ لب المتلقي والناظر معه ؛حيث وضع بناءه ؛فيظل المتلقي متذكراً ما تلقاه ؛وما نظرته عينه ؛ غير ناسياً لِمَّ رأي ؛
قد المبدع ذا موهبة ؛لكنه يحتاج إلي ثقلها ببعض الدراسة والعلم والاطلاع ؛
فتزداد يقيناً ؛لكن المؤثرات الخارجية لها تأثيرها أيضاً ؛ والتي تجعل المبدع ؛
يسلك طريقاً أخر ودرباً أخر لم يعتاد عليه ؛إلا أن الظروف والهوى قد ألقي به ؛
في خضم طريق يجهله ولم يرتاده فتجده يمشي حثيثاً علي مهلِ ومكث ؛
لحين وضوح الرؤية له ؛فينتشي ويسرع في وضع إبداعاته الوليدة ؛ناظراً بخوف 
آملاً أن الطعم مقبول عند المتذوق لإبداعه ؛
فثم تأتي البيئة المحيطة التي عاشت مع المبدع ؛لتلقي بظلالها في فِيهِ قلمه ؛
وخيوط نوله الذي ينسج به ثوبه وغطاءه ؛
حتى أن المتذوق له يشم رائحته من نسيجه الذي نسجه ؛فنري أن ساكن المدن ؛ لا
يستطيع وصف الريف وإظهار مواطن الجمال فيه بالطريقة وبالأسلوب الذي رآه 
ابن الريف وصوره بعدسته التي عاشت وتعايشت في سماءه ؛والذي ركب البحر ؛
وعايشه وعرف غدره وغضبه وجماله ؛غير الذي عاش في بدويته يتنقل فوق الهضاب ؛وبحور الرمال والعواصف الرملية ؛فكلً له مؤثرات يخضع لها إبداعه ؛
ويروق لها فؤاده ؛فتلت المؤثرات رائدة في التأثير علي المبدع وعلي إبداعه ؛
ومؤثرات البيئة مناخية متقلبة مثل الفصول ؛تجدها حارة استوائية ؛أو قارة مدارية ؛
أو ربيعية معتدلة ؛أو خريفية نادرة الأوراق ؛
بقلمي //سيد يوسف مرسي

لا ينبت العشب إلا بمورد عذب 
مقال غاية في الألق
تقبلوا مروري