التمثيل ؛؛؛ والخداع
التمثيل والخداع أمران مختلفان في المعني والبناء ؛ ومختلفان في الصورة السائدة عند الكثير من الناس ؛
فهناك من يجعل الممثل مُخَادَعاً ؛ويجعل من المُخادع ممثلاً ؛ وذلك نظراً للوضع المتردي ثقافياً ؛ والبيئة التي يعيش الإنسان فيها ؛
فالتمثيل له معني ودلائل والخداع له معاني ودلائل ؛
والتمثيل يقع تحت معانيه التي تدل عليه ؛وهو يأتي بمعني
التجسيد ؛والمحاكاة ؛والتقليد ؛ والتشخيص ؛ والتصوير ؛
فنقول مثلاً ؛فلاناً مُمثلاً (أي مجسداً محاكياً ) ؛ فهو مَعِين لتجسيد موقفاً وشخصية ما في زمن ما ؛ ويحاول أن يصل بالمتلقي للإدراك والفهم ؛ويبرع الممثل في أداءه وتقليده للشخصية المنوط بها ؛ فيقال
عنه أنه فنان ؛لما قام به من دور في تقمص الشخصية ؛وكلما تقمص الدور وذاد تألقه استطاع أن يصل للجمهور والمتلقي وترك أثراً عند الناس وذكري له ؛والتمثيل مهنة مستحدثة في العالم أجمع وليس شرقنا الأوسطيّ أو وطننا العربي ؛ فهي لم تكن موجودة عندنا وأقدم الأعمال الفنية في وطننا العربي هي التي قام بها نخبة من أصحاب العولمة والجنسيات التي تسكن بيننا وكانت في العقد الثاني من القرن العشرين ؛ونما هذا عندنا وجذب الكثير وأدر المال وأصبح مهنة معترف بها وصناعة تهتم بها دولنا وتهتم بأصحابها ؛
بعد أن كان يقال عن الممثل (مسخ ) ثم ترقت الكلمة نظراً للتنوير والمعرفة وتطورت للأحسن فقالوا عنه (مشخصاتي )؛ثم فناناً ؛ثم نجماً
وليس موضوعنا التمثيل أو الممثل إنما مُدخَلاَ لما نذهب إليه ؛
لكن لا يمنع هذا من وجود ممثلون من نوع أخر ؛ امتهنوا التمثل أمام الناس لإظهار قدراتهم ووضع غطاء كثيف علي مرادهم ابتغاء التضليل والغش ؛
وهؤلاء هم المخادعون ؛؛؛؛؛؛؛؛؟
والمخادع يندرج تحت معناه ومبناه ؛ فهو كاذب ؛ضال ؛منافق ؛ بعيد عن الدين ؛بعيد عن الصدق ؛
والمخادع متلون بطبعه ليس له عهد مع غيره أو نفسه ؛ غير حافظ للأمانة ؛ فهو يقول ما لا يفعل ؛ويفعل مالا يقول ؛ يميل للشك والريبة ؛يخشي كل من حوله ؛غير مؤتمن ؛والله تبارك وتعال أخبرنا بهم في كتابه الكريم فقال وهو أصدق القائلين (يا أيها الذين أمنوا لما تقولون مالا تفعلون ؛كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون ) صدق الله العظيم
وأخبرنا أيضاً عنهم فقال تبارك وتعالي (يخادعون الله والذين أمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون ؛
والمخادع هو يخدع نفسه قبل أن يخادع الناس ويخدع الله سبحانه وتعالي وهو ظالم لنفسه قبل أن يظلم غيره
(فقال الله عز وجل ؛وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) صدق الله العظيم
فماذا لو صدق كل إنسان مع نفسه وصدق مع ربه وصدق مع الناس ؛أليس ذلك بأفضل من خداعه ؛
والله في علاه يقول (إن الذين يُحَادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم )
والمخادع غشاش والغشاش ليس من أمة محمد صل الله عليه وسلم وذلك لقول الرسول صل الله عليه وسلم
(من غشنا فليس منا )
فالراعي عليه بالصدق أن قال فعل وأجاد وإن وعد أوفيّ وأن تكلم كان للصدق وافياً وأقرب ؛ والتاريخ قص الكثير وورد الكثير في الصدق وعدم الخداع ؛جاء في الأثر أن علياً رضي الله عنه مر برجل أعرابي يصلي ؛فرآه
لا يعطي الصلاة حقها ؛فضربه بالدرة التي في يده ؛وقال له أعد الصلاة ؛ فأعاد الرجل صلاته ؛فلما سلم وانتهي من صلاته ؛سأله علياُ رضي الله عنه ؛أي الصلاتين أفضل ؛الأولي أم الثانية ؛نظر الرجل علياً ؛وقال : الأولي
قال علياً :ولما
قال الرجل الأولي :كانت لله
أما الثانية :فكانت للعصا
فالأعرابي صدق ولم يكذب أمير المؤمنين علياً ولم يخادعه خوفاً فلم تخفيه العصا ولا علياً ولكن خاف أن يكذب فيكون كذبه مخادعة لله ولأمير المؤمنين ؛
وكثرة المخادعون في المجتمعات ناشئة من البيئة التي
تنشأ فيها الناس من تربية رديئة وترك للدين وأب كاذب وأم متسلطة كل هذا عوامل مثمرة في عدد المخادعين وكثرتهم بين الناس ؛وأصبح الكثير منهم يعتلي المناصب والقيادة ؛فمن الصعب تطهير المجتمعات من هؤلاء ؛ألا توفر أرض صالحة وتربة خصبة ؛ومناخ ديني سليم
مع أطيب المني
بقلمي //سيد يوسف مرسي